{قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} .
قال ابن كثير: أي: بما جعلت لي من الجاه والعز والنعمة، {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً} ، أي: معينًا، {لِّلْمُجْرِمِينَ} ، أي: الكافرين بك المخالفين لأمرك.
وعن ابن عباس قال: أتي فرعون فقيل له: إن بني إسرائيل قد قتلوا رجلاً من آل فرعون، فخذ لنا بحقّنا ولا ترخص لهم في ذلك، قال: ابغوني قاتله ومن يشهد عليه، لا يستقيم أن نقضي بغير بينة ولا ثبت فاطلبوا ذلك، فبينما هم يطوفون لا يجدون شيئًا، إذ مرّ موسى من الغد فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيًا، فاستغاثه الإسرائيليّ على الفرعونيّ، فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس وكره الذي رأى، فغضب موسى فمدّ يده وهو يريد أن يبطش بالفرعونيّ، فقال للإسرائيلي لِمَا فعل بالأمس واليوم: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ} فنظر الإسرائيليّ إلى موسى بعد ما قال هذا، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس، فخاف الإسرائيليّ أن يكون إياه أراد
فحاجّه فقال: {يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} .
وعن قتادة: {إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ} هكذا تقتل النفس بغير نفس. وعن ابن إسحاق {وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} أي: ما هكذا يكون الإصلاح.
قوله عز وجل: {وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ (22) } .
قال ابن عباس: انطلق الفرعونيّ الذي كان يقاتل الإسرائيلي بالأمس إلى