قوله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) } .

قال البغوي: قوله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} ، يعني: علم القضاء ومنطق الطير والدواب، وتسخير الشياطين، وتسبيح الجبال، {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا} ، بالنبوة، والكتاب، وتسخير الشياطين، والجنّ والإنس، {عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ، نبوته وعلمه وملكه دون سائر أولاده، وكان لداود تسعة عشر ابنًا، وأعطى سليمان ما أعطى داود: الملك، وزيد له: تسخير الريح، وتسخير الشياطين. وقال مقاتل: كان سليمان أعظم ملكًا من داود وأقضى منه، وكان داود أشدّ تعبّدًا من سليمان، وكان سليمان شاكرًا لنعم الله تعالى.

{وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ} ، سمّى صوت الطير منطق لحصول الفهم منه كما يُفهم من كلام الناس. روي عن كعب قال: صاح ورشان عند سليمان عليه السلام فقال: أتدرون ما يقول: قالوا: لا، قال: فإنه يقول: لِدُوا للموت، وابنوا للخراب. وصاح طاووس فقال: أتدرون ما يقول: قالوا: لا، قال: فإنه يقول: كما تَدين تُدان. وصاح صرد

فقال: أتدرون ما يقول: قالوا: لا، قال: فإنه يقول: استغفروا الله يا مذنبين. وهدرت حمامة فقال: أتدرون ما تقول: قالوا: لا، قال: فإنها تقول: سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه. قال: والغراب يدعو على العشا. والحدأة تقول: كل شيء هالك إلا الله. والقطاة تقول: من سكت سلم. والضفدعة تقول: سبحان المذكور بكل لسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015