قوله عز وجل: {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) } .
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ} ، أي: هذه آيات ... {الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ} أي: بيّن واضح، {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} ، أي: إنما تحصل الهداية والبشارة من القرآن لمن آمن به واتبعه وصدّقه وعمل بما فيه، وأقام الصلاة المكتوبة وآتى الزكاة المفروضة، وأيقن بالدار الآخرة والبعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال خيرها وشرّها، والجنة والنار، كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} .
وقال تعالى: {لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً} ، ولهذا قال تعالى ها هنا: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} ، أي: يكذّبون بها ويستبعدون وقوعها {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} ، أي: حسّنّا لهم ما هم فيه ومددنا لهم في غيّهم، فهم يتيهون في ضلالهم، وكان هذا جزاء على ما كذّبوا من الدار الآخرة، كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ