قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ (44) } .

قال ابن كثير: يذكر تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشئها وهي ضعيفة وهو الإزجاء، {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} ، أي: يجمعه بعد تفرقه، {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً} ، أي: متراكمًا يركب بعضه بعضًا، {فَتَرَى الْوَدْقَ} ، أي: المطر، {يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} ، أي: من خلله. قال عبيد بن عمير الليثي: يبعث الله المثيرة فتقمّ الأرض قمًّا، ثم يبعث الله الناشئة فتنشئ السحاب. ثم يبعث الله المؤلّف بينه، ثم يبعث الله اللواقح فتلقّح السحاب. وقال ابن زيد في قوله: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} ، قال: الودق القطر.

وقوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ} ، قال ابن عباس: أخبر الله تعالى أن في السماء جبالاً من بَرَدٍ {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} ، قال: ضوء برقه يذهب بالأبصار.

وقوله تعالى {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ} كقوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} . وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم، يسبّ الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار» . رواه البغوي وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015