قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) } .
قال الزهري: أخبرني سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن أبي وقاص، وعبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإِفك ما قالوا فبرّأها الله تعالى وكلهم قد حدّثني بطائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصًا، وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديث الذي حدّثني عن عائشة وبعض حديثهم يصدّق بعضًا؛ ذكروا أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج لسفر أقرع بين نسائه فأيهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه. قالت عائشة رضي الله عنها: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، وخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بعد ما أنزل الحجاب، فأنا أُحْمَلُ في هودجي، وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذن بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما
قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري، فإذا عقدٌ بها من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين يرحّلونني فاحتملوا هودجي فرحّلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه. قالت: وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يثقلن ولم يغشهنّ اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام. فلم يستنكر القوم خفّة الهودج حين رفعوه وحملوه،