لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) } .
قال البغوي: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ} ، أي: في الدنيا، وفي القبور، {عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} ، نسوا مدة لبثهم في الدنيا لِعِظَمِ ما هم بصدده من العذاب، {فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ} الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم ويحصونها عليهم، {قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ} ، أي: ما لبثتم في الدنيا {إِلَّا قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً}
أي: لعبًا وباطًلا لا لحكمة، {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} ، في الآخرة للجزاء؟ كما قال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} ؟ {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} . قال ابن كثير: أي تقدّس أن يخلق شيئًا عبثًا فإنه الملك الحقّ المنزه عن ذلك، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} فذكر العرش لأنه سقف جميع المخلوقات، ووصفه بأنه كريم. أي: حسن المنظر بهيّ الشكل.
قوله عز وجل: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118) } .
قال البغوي: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} ، أي: لا حجّة له به ولا بينة، لأنه لا حجّة في دعوى الشرك، {فَإِنَّمَا حِسَابُهُ} جزاؤه {عِندَ رَبِّهِ} يجازيه بعمله، كما قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} ، {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} لا يسعد من جحد وكذب، ... {وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} .
* * *