قوله عز وجل: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) } .
قال البغوي: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} ، يعني: بحجّة بينة من اليد والعصا وغيرهما، {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا} تعظّموا عن الإيمان، {وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ} متكبّرين قاهرين غيرهم بالظلم.
{فَقَالُوا} ، يعني: فرعون وقومه، {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} ، يعني: موسى، وهارون، {وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} ، مطيعون متذللون، ... {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ} بالغرق. وقال ابن زيد: قال فرعون: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} نذهب نرفعهم فوقنا ونكون تحتهم، ونحن اليوم فوقهم وهم تحتنا، كيف نصنع ذلك؟ وذلك حين أتوهم بالرسالة، وقرأ: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ} ، قال: العلو في الأرض.
قوله عز وجل {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) } .
عن قتادة في قوله: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} ، قال: ولدته من غير أب هو له، ولذلك وجدت الآية، وقد ذكر مريم وابنها. وقوله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} ، قال ابن عباس: الربوة: المكان المرتفع، وهو أحسن ما يكون فيه النبات.