النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإن عادوا فعد» . رواه ابن جرير. وفي رواية البيهقي فقال: يا رسول الله ما تُركت حتى سببتك وذكرت آلهتهم بخير؛ وفي ذلك أنزل الله: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} .
قال ابن كثير: اتفق العلماء على أن المكرَه على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاءً لمهجته، ويجوز له أن يأبى كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك، وهم يفعلون به الأفاعيل، حتى إنهم ليضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدة الحر ويأمرونه بالشرك بالله، فيأبى عليهم وهو يقول: أحد، أحد. ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها، رضي الله عنه وأرضاه.
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ} ، أي: عذّبوا ومنعوا من الإسلام، {ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
قال البغوي: نزلت في عياش بن أبي ربيعة، وأبي جندل بن سهيل، والوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعبد الله بن أبي أسيد الثقفي، فتنتهم المشركون فأعطوهم بعض ما أرادوا ليسلموا من شرّهم، ثم إنهم هاجروا بعد ذلك وجاهدوا.
قال ابن كثير: فأخبر تعالى أنه: {مِن بَعْدِهَا} ، أي: تلك الفعلة، وهي الإجابة إلى الفتنة، {لَغَفُورٌ} لهم، {رَّحِيمٌ} يوم معادهم، {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} . والله أعلم.
* * *