قال سيبويه1 ما نصه: "كما أنك إذا قلت: قد علمت أزيد ثم أم عمرو وأردت أن تخبر أنك قد علمت أيهما ثم". ا. هـ.
وحكى الشلوبين عن بعض المتأخرين: أن هذا الكلام على حذف مضاف، وأن المراد علمت جواب هذا الكلام، وكان يفتي به ويراه في بعض أقرائه.
واعلم أن كلام العرب ثلاثة أقسام:
الأول: مطابقة اللفظ للمعنى وهو الأكثر.
والثاني: غلبة اللفظ للمعنى نحو: "أظن أن تقوم" أجمعوا على جوازه، ومنع الأكثر "أظن قيامك" والمعنى واحد، لاشتمال "أن تقوم" على المسند والمسند إليه بخلاف "قيامك".
والثالث: غلبة المعنى للفظ نحو مسألتنا، وغلب فيها جانب المعنى وإن كان اللفظ استفهاما.
وقوله:
لعلم عرفان وظن تهمه ... تعدية لواحد ملتزمه
الأصل في "علم" تعلقها بالنسب الخبرية وهي المتعدية إلى مفعولين، وقد ترد بمعنى العرفان متعلقة بالمفرد فتتعدى إلى واحد, كقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} 2.
وأما "ظن" فإن كانت للتردد في وقوع الخبر فهي المتعدية إلى "اثنين"3, وكذلك إن استعملت لليقين, وإن كانت للتهمة تعدت إلى واحد كقولك: "ظننت زيدا على المال" أي: اتهمته، ومنه: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} 4.
فإن قلت: قد ترد "علم"5 لازمة إذا كانت من العلمة6 ولم ينبه على ذلك.