فا أمرٍ أو مُضَارِعٍ منْ كَوَعَدْ ... احذف وفي كعدة ذاك اطرد
اعلم أن الحذف وجه من وجوه الإعلال، وهو ضربان: مقيس، وشاذ.
فالمقيس هو الذي تعرض لذكره في هذا الفصل، وهو ثلاثة أنواع:
الأول: حذف الواو من مضارع ثلاثي فاؤه واو استثقالًا، لوقوعها ساكنة بين ياء مفتوحة وكسرة لازمه، كقولك في مضارع وعَد يَعد والأل يَوْعِد، وحذفت الواو لما ذكر، وحمل على ذي الياء أخواته، نحو أعد ونعد وتعد، والأمر نحو عد، المصدر الكائن على فعل -بكسر الفاء وسكون العين- نحو عدة فإن أصله وعد على وزن فعل، فحذفت فاؤه حملًا على المضارع، وحركت عينه بحركة الفاء وهي الكسرة؛ ليكون بقاء كسرة الفاء دليلًا عليها، وعوضوا منها تاء التأنيث؛ ولذلك لا يجتمعان. وتعويض التاء هنا لازم، وقد أجاز بعض النحوين حذفها للإضافة مستدلًا بقول الشاعر1:
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
يعني عدة الأمر، وهو مذهب الفراء، وخرجه بعضهم على أن عدا جمع عدوة أي: ناحية، وأخلفوك نواحي الأمر الذي وعدوا.
تنبيهات:
الأول: فهم من قوله "من كوعد" أن حذف الواو المذكورة مشروط بشروط:
أولها: أن تكون الياء مفتوحة؛ فلا تحذف من يوعد مضارع أوعد، ولا من يوعد -مبنيًّا للمفعول، إلا ما شذ من قولهم: "يدع، ويذر"2 في لغة.