صلى الله عليه وسلم قال: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" 1 الحديث2 ورواه عنه سفيان بن عيينه وإسماعيل بن جعفر وروح ابن القاسم وعبد العزيز الدراوردي وطائفة من أصحابه وهكذا رواه عنه شعبة في رواة حفاظ أصحابه وانفرد وهب بن جرير عن شعبة بلفظ: "لا تجزى صلاة لا يقرأ فيه بفاتحة الكتاب" 3 حتى زعم بعضهم أن هذه الرواية مفسرة للخداع الذي في الحديث وأنه عدم الأجزاء وهذا لا يتأتى له إلا لو كان مخرج الحديث مختلفا فأما والسند متحد فلا ريب أنه حديث واحد اختلف لفظه فتكون رواية وهب بن جرير شاذة بالنسبة إلى ألفاظها بقية الرواة لا تفاقهم دونه على اللفظ الأول لأنه يبعد كل البعد أن يكون أبو هريرة سمعه باللفظين ثم نقل عنه ذلك.

ومن ذلك حديث الواهبة نفسها فإن مدارهه علىأبي حازم عن سهل بن سعد واختلف الرواة على ابي حازم فقال مالك وجماعة معه "فقد زوجتكما" وقال ابن عيينة "أنكحتكما" وقال ابن أبي حازم ويعقوب بن عبد الرحمن "ملكتكها" وقال الثوري "أملكتكها" وقال أبو غسان أمكنا كها أو أكثر هذه الروايات في الصحيحين فمن البعيد جدا أن يكون سهل بن سعد شهد هذه القصة من أولها إلى آخرها مرارا عديدة في كل مرة لفظ غير الذي سمعه في الأخرى بل ربما يعلم ذلك بطريق القطع وأيضا فالمقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذه الألفاظ كلها في مرة واحدة تلك الساعة فلم يبق إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفظا منها وعبر عنه بقية الرواة بالمعنى والله أعلم.

ثم إن الاختلاف في الإسناد إذا كان بين ثقات متساوين وتعذر الترجيح فهو في الحقيقة لا يضر في قبول الحديث والحكم بصحته لأنه عن ثقة في الجملة ولكن يضر ذلك في الأصحية عند التعارض مثلا فحديث لم يختلف فيه عن راويه أصلا أصح من حديث اختلف فيه في الجملة وإن كان ذلك الاختلاف في نفسه يرجع إلى من لا يلتزم القدح انتهى ما نقله الحافظ ابن حجر عن الحافظ العلائي مع اختصار لبعض الأمثلة وهو وإن طال نافع جدا سما مع اختصار المصنف للمقال وهو مفتقر إلى الإطالة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015