قلت: وهو إشارة إلى رد طعن من طعن على ابن العربي دعواه أنه رواه من ثلاثة عشر طريقا وقد طعن على ابن العربي بعض أهل بلدته لما لم يبرز لهم بيان ما ادعاه من الطرق فقال:
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم ... بالبر والتقوى وصية مشفق
فخذوا عن العربي أسماء الدجى ... وخذوا الرواية عن إمام متقي
إن الفتى ذرب اللسان مهذب ... إن لم يجد خبرا صحيحا يخلق
وأراد بحمص اشبيلية لأنه يقال لها ذلك.
قال ابن حجر: إنه بلغ ابن العربي ذلك أي هذه الأبيات فعلم تعنتهم فحمله الحمق على كتمان ذلك أو لم يحمله وعاق عنه عائق ثم قال ابن حجر: وآفة هذا كله الإطلاق في موضع التقييد فمن قال من الأئمة إن هذا الحديث تفرد به مالك عن الزهري فليس على إطلاقه وإنما المراد بشرط الصحة ومن قال كابن العربي إنه رواه من طرق غير طريق مالك إنما المراد به في الجملة سواء صح أو لم يصح فلا اعتراض ولا تعارض وقال ابن حبان: لا يصح إلا من رواية مالك عن الزهري فهذا التقييد أولى من ذلك الإطلاق وهذا بعينه حاصل في حديث: "إنما الأعمال بالنيات". انتهى.
"قال" ابن الصلاح "وفي غرائب الصحيح أشباه لذالك كثيرة قال" أي ابن الصلاح "وقد قال مسلم بن الحجاج: للزهري قدر تسعين حرفا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشركه فيها أحد بأسانيد جياد" قال الحافظ ابن حجر: هو في صحيح مسلم في كتاب الأيمان والنذور منه- أي في باب من حلف باللات والعزى من باب الأيمان والنذور وقوله: بأسانيد جياد يتبادر منه قبول نفس المتون ولا يقال يحتمل أنه أراد جودة الأسانيد من الزهري إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل الظاهر إرادة الجودة في جميع السند من مسلم إلى آخره واختلف النسخ في العدد والأكثر بتقديم السين على التاء.
"قال" ابن الصلاح "فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم بل الأمر فيه على تفصيل نبينه" ليس في هذا التفصيل من الشاذ إلا ما قاله أولا وهو الذي عرفه به الشافعي وأما الثاني: فهو صحيح غريب وأما الثالث: فهو حسن لذاته غريب وأما الرابع: فإنه ضعيف إذا أتى ما يجبره صار حسنا لغيره.