كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإنْ كلفتموهم، فأعينوهم" [رواه البخاري (30) ومسلم (1661)].
ورفع من مقامهم عند مخاطبتهم حتَّى لا يشعروا بالضَّعَة؛ ولذا قال -صلى الله عليه وسلم- "لا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتايَ وفتاتي" [رواه البخاري (3552) ومسلم (2249)].
كما أنَّ المقياس في الإسلام لكرامة الإنسان في الدنيا والآخرة لا يرجع إلى الأنساب والأعراق، وإنَّما يرجع إلى الكفاءات، والقيم المعنوية. {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
وقد بلغ شخصيات من الموالي -لفضلهم وقدرتهم- ما لم تبلغه ساداتهم؛ إذ قادوا الجيوش، وساسوا الأُمم، وتولَّوا الأعمال الجليلة بكفاءاتهم، التي هي أصل مجدهم.
ومع ما رفع الشَّارع من مقام المملوك، فإنَّ له تشوُّفاً، وتطلُّعاً إلى تحرير الرقاب وفكِّ أغلالهم:
فقد حثَّ على ذلك، ووَعَدَ عليه النَّجاةَ من النَّار، والفوزَ بالجنَّة، وقد تقدَّم بعضٌ من ذلك.
ثمَّ إنَّه جَعَلَ لتحريرهم عدَّة أسباب بعضها قهرية، وبعضها اختيارية:
فمن القهرية: أنَّ مَن جَرَحَ مملوكه، عَتَقَ عليه، فقد جاء في الحديث أنَّ رجلاً جدع أنف غلامه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "اذهب فأنت حر، فقال: يارسول الله! فمولى من أنا؟ قال: مولى الله ورسوله" [رواه أحمد (6671)].
ومن أعتق نصيبه من مملوك مشترك، عَتَقَ نصيب شريكه قهراً؛ كما في الحديث: "مَنْ أعتق شِرْكاً في مملوكٍ، وجب عليه أنْ يُعْتِقَهُ كله" [رواه البخاري (2503)، ومسلم (1501)] على تفصيلٍ فيما يأتي.