نظرهم فيما يأتون ويذرون، لاسيَّما فيما يدوم أمره، ويعظم خطره، فلذلك اختاره النبي -صلى الله عليه وسلم- بآكد وجهٍ وأبلغه، فأمر بالظفر الذي هو غاية البغية ومنتهى الاختيار.

2 - وفي الحديث ما يدل على استحباب صحبة الأخيار، ومجالستهم، للاقتباس من فضلهم، وحسن القدوة بهم، والتخلق بأخلاقهم، والتأدب بآدابهم، والابتعاد عن الشر وأهله.

قال تعالى حكايته عن موسى عليه السلام: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)} [الكهف: 66]، وقال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28].

وجاء في الصحيحين من حديث أبي موسى أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما مَثَل الجليس الصالح، وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك: إمَّا أن يحذِيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه رائحةً طيبة، ونافخ الكير: إما أن يُحرِق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا منتنة".

والنصوص في هذا المعنى كثيرة وظاهرة.

3 - قال النووي: معناه أنَّ الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع، فاحرص أنتَ على ذات الدِّين، واظفر بها، واحرص على صحبتها.

4 - قال الرافعي في الأماني: يرغب في النكاح لفوائد دينية ودنيوية، ومن الدواعي القوية إليه الجمال، وقد نهى عن تزوج المرأة الحسناء، وليس المراد النَّهي عن رعاية الجمال على الإطلاق، ألا ترى أنه قد أمر بنظر المخطوبة، ولكن النَّهي محمولٌ على ما إذا كان القصد مجرَّد الحسن، واكتفى به عن سائر الخصال.

5 - ومن الدواعي الغالبة المال، وهو غادٍ ورائحٌ، فلا يوثق بدوام الألفة، لاسيَّما إذا قلَّ، وقد قيل: عظَّمك عند استغلالك، واستقلَّك عند إقلالك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015