الثاني: التضييق على الناس المحتاجين المستفيدين، وذلك باستقصاء جميع ثمنها، فقد جاء في مسلم والسنن عن جابر أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض".
4 - الفقرة الثانية: "فمن تُلقي، فاشتُري منه، فإذا وصل البائع السوق فهو بالخيار" ففيه إثبات الخيار للبائع بين إمضاء البيع، أو رده.
قال شيخ الإسلام: أثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- للركبان الخيار إذا تُلُقوا؛ لأنَّ فيه نوع تدليسٍ، وغشٍّ.
وقال ابن القيم: نهى عن ذلك لِما فيه من تغرير البائع، فإنَّه لا يعرف السعر، فيُشْترى منه بدون القيمة، ولِذا أثبت له النبي -صلى الله عليه وسلم- الخيار إذا دخل السوق.
جاء في حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم: الحديث وإن كان ظاهره الإطلاق، فيقيد بما هو جارٍ متسامحٌ فيه، من التغابن اليسير.
والعقد صحيح؛ لأنَّ النَّهي قُصِر على التلقي، ولم يقل: لا تشتروا، ولا نزاع في ثبوت الخيار للبائع من الغبن غبناً يخرج عن العادة.
5 - الإسلام يراعي المصالح العامة، فيقدمها على المصالح الخاصة، ولذا فإنَّ تلقي الركبان، وبيع الحاضر للبادي، فيه مصلحة خاصة للمتلقي الحاضر، ولكن لما كانت مصلحة أهل البلد -بشرائهم السلع رخيصة- قدمت على انتفاع الواحد.
6 - قال شيخ الإسلام: من البيوع ما نهي عنه لِمعنىً فيه، من ظلم أحد المتبايعين للآخر، كبيع المصراة، والمعيب، والنجش، ونحو ذلك، والشارع لم يجعلها لازمة كالبيوع الحلال، بل جعل الخيرة إلى المظلوم، إن شاء أبطلها، وإن شاء أجازها، فإنَّ الشارع لم ينه عنها لحق مختص بالله، كما نهى عن الفواحش، ونكاح المحرَّمات، والمطلقة ثلاثاً، وبيع الربا.
وبعض الناس يحسب أنَّ هذا النوع من جملة ما نهي عنه، والنَّهي يقتضي