ولأنَّها طاهرة في الحياة، وهذا مذهب طائفة من العلماء، ومنهم الحنابلة، إذ صحة البيع إنما تكون في عين مالية، والسنور ليس بمال.
وذهب الجمهور إلى جواز بيعه، وحملوا الحديث على التنزيه ومكارم الأخلاق، وأنَّ هذا مما اعتاد الناس هبته وإعارته والسماحة فيه، ولكنه خلاف الظاهرة لأنَّ النَّهي يقتضي التحريم، ففيه زجر، وهو أبلغ من النَّهي، وتكون العلة في تحريم بيعه لعدم النفع المقصود فيه.
2 - يدل الحديث على تحريم ثمن الكلب وتحريم بيعه؛ لما في الصحيحين من حديث أبي مسعود "نهى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب"، والنَّص على تحريم ثمنه يدل باللزوم على تحريم بيعه؛ لأنَّه نجس العين، ولا ينتفع به إلاَّ لحاجة.
3 - الحديث الذي في الصحيحين عام، ولكن عند النسائي زيادة تقدم حكمها وأنَّها ضعيفة: "إلاَّ كلب صيد".
ومن أجل هذه الزيادة اختلف العلماء في جواز بيعه.
فذهب الجمهور -ومنهم الإمامان: الشافعي وأحمد- إلى تحريم بيعه، وإن كان كلب صيدٍ، أو زرعٍ، أو ماشيةٍ، ويباح اقتناؤه لهذه الحاجة مع تحريم بيعه وثمنه، لأنَّ الأصل في النَّهي أنَّه للتحريم.
قال الخطابي: جواز الانتفاع بالشيء إذا كان لأجل الضرورة لم يكن يدل على جواز بيعه، كالميتة يجوز الانتفاع بها للمضطر ولا يجوز بيعها، وذهب أبو حنيفة إلى جواز بيعه مطلقًا، سواء جاز اقتناؤه، أو لا.
وقال عطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي: ما أبيح من الكلاب فبيعه جائز، وما حرم اقتناؤه منها فبيعه محرَّم.
***