الذكر في الصلاة؛ ليُعلم المأمومين حكم ذلك؛ فإنَّ ابن عباس جهر بالفاتحة؛ ليعلم الناس أنَّ قراءتها في صلاة الجنازة سنة؛ أي: أنَّها سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وطريقته، التي قد تكون مستحبة، وقد تكون واجبة، وهي هنا واجبة من أدلة أخر.
* خلاف العلماء:
جاء في "سنن النسائي" وغيره عن أبي أمامة قال: "السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بعد التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة".
قال مجاهد: سألت ثمانية عشر رجلاً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن القراءة على الجنازة، فكلهم قال: يقرأ.
وله شواهد دلَّت على وجوب قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، وبعد التعوذ والبسملة.
فأما التعوذ والبسملة: فقد أجمعوا على الإتيان بهما، وأما الاستفتاح فالأكثر أنَّه لا يستفتح به، ولا تقرأ السورة بعد الفاتحة، وهو مذهب الإمامين: الشافعي وأحمد، وجمهور العلماء من السلف والخلف.
قال في "البدر التمام": والحديث دليل على وجوب قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة؛ لأنَّ المراد من السنة؛ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا أنَّ المراد بها: ما يقابل الفريضة، فهذا اصطلاح عرفي.
وذهب الإمامان: أبو حنيفة ومالك إلى: أنَّها سنة لا واجبة، ومذهب الحنفية أنه يقرأ دعاء الثناء، وجاز قراءة الفاتحة، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام، قال ابن القيم في "الهدي": قال شيخنا: ولا تجب قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، بل هي سنة.
والقول الأول أحوط؛ فأدلته قوية.
***