الْحِفْظ والإتقان

وَالثَّالِث مَا رَوَاهُ الضُّعَفَاء والمتروكون وَأَنه إِذا فرغ من الْقسم الأول أتبعه الثَّانِي وَأما الثَّالِث فَلَا يتشاغل بِهِ وَلَا يعرج عَلَيْهِ

فَقَالَ بَعضهم إِن مُسلما كَانَ أَرَادَ أَن يفرد لكل قسم من الْقسمَيْنِ كتابا فاخترمته الْمنية قبل إِخْرَاج الْقسم الثَّانِي وَإنَّهُ إِنَّمَا أَتَى بالقسم الأول

وَقَالَ بَعضهم إِن مُسلما قد ذكر فِي كِتَابه حَدِيث الطبقتين الْأَوليين وأتى بِحَدِيث الثَّانِيَة مِنْهُمَا على طَرِيق الإتباع للأولى والاستشهاد أَو حَيْثُ لم يجد للطبقة الأولى شَيْئا وَذكر فِيهِ أَقْوَامًا تكلم فيهم قوم وزكاهم آخَرُونَ مِمَّن ضعف أَو اتهمَ ببدعة وَخرج حَدِيثهمْ

وَكَذَلِكَ فعل البُخَارِيّ وَكَذَلِكَ علل الحَدِيث الَّتِي ذكر ووعد بِأَنَّهُ يَأْتِي بهَا فقد جَاءَ بهَا فِي موَاضعهَا من الْأَبْوَاب من اخْتلَافهمْ فِي الْأَسَانِيد كالإرسال والإسناد وَالنَّقْص وَالزِّيَادَة وَذكر تَصْحِيف المصحفين فَيكون مُسلم قد استوفى غَرَضه فِي تأليفه وَأدْخل فِي كِتَابه كل مَا وعد بِهِ وَهُوَ ظَاهر لمن تَأمل الْكتاب وأمعن النّظر فِي كثير من الْأَبْوَاب

وعَلى هَذَا يَنْبَغِي لمن يشْتَغل بِصَحِيح مُسلم أَن ينتبه إِلَى ذَلِك ليَكُون على بَصِيرَة فِي أمره

وَمن تدبر الْأُمُور الَّتِي ذكرنَا أَن من يُرِيد معرفَة الصَّحِيحَيْنِ كَمَا يَنْبَغِي يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَنَبَّه إِلَيْهَا ويبحث عَنْهَا تبين لَهُ أَنه لَا يُوجد فِي مَجْمُوع شروحهما الْمَشْهُورَة مَا يَفِي بذلك وَلم يستغرب قَول كثير من عُلَمَاء الْمغرب شرح كتاب البُخَارِيّ دين على الْأمة

يعنون أَن عُلَمَاء الْأمة لم يفوا بِمَا يجب لَهُ من الشَّرْح على الْوَجْه الَّذِي أَشَرنَا إِلَيْهِ

وَقد ذكر بعض أَرْبَاب الْأَخْبَار مِمَّن أشرف من كل فن من الْفُنُون الْمَشْهُورَة على طرف مِنْهَا أَن النَّاس إِنَّمَا استصعبوا شَرحه من أجل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من معرفَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015