لَا يُمَيّز بِي الصَّحِيح والضعيف فيشك فِي صِحَة أَحَادِيث أَو فِي الْقطع بهَا مَعَ كَونهَا مَعْلُومَة قطعا عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ

وطرف مِمَّن يَدعِي اتِّبَاع الحَدِيث وَالْعَمَل بِهِ كلما وجد لفظا فِي حَدِيث قد رَوَاهُ ثِقَة وَرَأى حَدِيثا بِإِسْنَاد ظَاهره الصِّحَّة يُرِيد أَن يَجْعَل ذَلِك من جنس مَا جزم أهل الْعلم بِصِحَّتِهِ حَتَّى إِذا عَارض الصَّحِيح الْمَعْرُوف أَخذ يتَكَلَّف لَهُ التأويلات الْبَارِدَة أَو يَجعله دَلِيلا فِي مسَائِل الْعلم مَعَ أَن أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ يعْرفُونَ أَن مثل هَذَا غلط فَكَمَا أَن على الحَدِيث أَدِلَّة يعلم بهَا أَنه صدق وَقد يقطع بِهِ فَعَلَيهِ أَدِلَّة يعلم بهَا أَنه كذب وَقد يقطع بِهِ مثل مَا يقطع بكذب مَا يرويهِ الوضاعون من أهل الْبدع والغلو فِي الْفَضَائِل

وَقَالَ مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن أبي نصر الْحميدِي بِبَغْدَاد يَقُول قَالَ لنا أَبُو مُحَمَّد بن حزم مَا وجدنَا للْبُخَارِيّ وَمُسلم فِي كِتَابَيْهِمَا شَيْئا لَا يحْتَمل مخرجا إِلَّا حديثين لكل وَاحِد مهما حَدِيث تمّ عَلَيْهِ فِي تَخْرِيجه الْوَهم مَعَ إتقانهما وحفظهما وَصِحَّة معرفتهما

فَذكر من عبد البُخَارِيّ حَدِيث شريك عَن أنس فِي الْإِسْرَاء وَأَنه قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ وَفِيه شقّ صَدره

قَالَ ابْن حزم والآفة من شريك

والْحَدِيث الثَّانِي عِنْد مُسلم حَدِيث عِكْرِمَة بن عمار عَن أبي زميل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الْمُسلمُونَ لَا ينظرُونَ إِلَى أبي سُفْيَان وَلَا يُقَاعِدُونَهُ فَقَالَ للنَّبِي ص = ثَلَاث أعطنيهن قَالَ نعم الحَدِيث

قَالَ ابْن حزم هَذَا حَدِيث مَوْضُوع لَا شكّ فِي وَضعه والآفة فِيهِ من عِكْرِمَة بن عمار

وَقد أَشَارَ شرَّاح صَحِيح مُسلم إِلَى أَن هَذَا الحَدِيث من الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة بالإشكال وَقد امتعض بَعضهم بِمَا قَالَه ابْن حزم فَبَالغ فِي التشنيع عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّه كَانَ هجاما على تخطئه الْأَئِمَّة الْكِبَار وَإِطْلَاق اللِّسَان فيهم وَلَا نعلم أحدا من أَئِمَّة الحَدِيث نسب عِكْرِمَة بن عمار إِلَى وضع الحَدِيث

وَقد وَثَّقَهُ وَكِيع وَيحيى بن معِين وَغَيرهمَا وَكَانَ مستجاب الدعْوَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015