بتصنيف أبوابه وترتيب أصنافه فَإِن ذَلِك الْفِعْل مِمَّا يُقَوي النَّفس وَيثبت الْحِفْظ ويذكي الْقلب ويشحذ الطَّبْع ويبسط اللِّسَان ويجيد الْبَيَان ويكشف المشتبه ويوضح الملتبس ويكسب أَيْضا جميل الذّكر ويخلده إِلَى آخر الدَّهْر كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(يَمُوت قوم فيحيي الْعلم ذكرهم ... وَالْجهل يلْحق أَمْوَاتًا بأموات)
والتأليف أَعم من التَّخْرِيج والتصنيف والانتقاء إِذا التَّأْلِيف مُطلق الضَّم
والتخريج إِخْرَاج الْمُحدث الْأَحَادِيث من الْكتب وسوقها بروايته أَو رِوَايَة بعض شُيُوخه أَو نَحْو ذَلِك وَالْكَلَام عَلَيْهَا وعزوها لمن رَوَاهَا من أَصْحَاب الْكتب والدواوين وَقد يُطلق على مُجَرّد الْإِخْرَاج والعزو
والتصنيف جعل كل صنف على حِدة وَقد يُطلق على مُجَرّد الضَّم
والانتقاء إِخْرَاج مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْكتب
وللعلماء فِي تصنيف الحَدِيث وَجمعه طَرِيقَانِ إِحْدَاهمَا التصنيف على الْأَبْوَاب وَهُوَ تَخْرِيجه على أحكما الْفِقْه وَغَيره وتنويعه أنواعا وَجمع مَا ورد فِي كل حكم وكل نوع فِي بَاب بِحَيْثُ يتَمَيَّز مَا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ مثلا عَمَّا يتَعَلَّق بالصيام
وَأهل هَذِه الطَّرِيقَة مِنْهُم من اقْتصر على إِيرَاد مَا صَحَّ فَقَط كالشيخين وَمِنْهُم من لم يقْتَصر على ذَلِك كَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
الثَّانِيَة التصنيف على المساند وَهُوَ أَن يجمع فِي تَرْجَمَة كل صَحَابِيّ مَا عِنْده من حَدِيثه سَوَاء كَانَ صَحِيحا أَو غير صَحِيح ويجعله على حِدة وَإِن اخْتلفت أَنْوَاعه
وَأهل هَذِه الطَّرِيقَة
مِنْهُم من رتب أَسمَاء الصَّحَابَة على حُرُوف المعجم كالطبراني فِي المعجم الْكَبِير والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة الَّتِي لم تكمل
وَهَذَا أسهل تناولا
وَمِنْهُم من رتبها على الْقَبَائِل فَقدم بني هَاشم ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب إِلَى رَسُول الله ص = فِي النّسَب
وَمِنْهُم من رتبها على السَّبق فِي الْإِسْلَام فَقدم الْعشْرَة ثمَّ أهل بدر ثمَّ أهل