والحديث الثاني رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي سعيد، وعبد الرحمن هذا ضعيف عند أهل العلم، قال يحيى بن معين: بنو زيد بن أسلم ليسوا بشيء، وقال أحمد: ضعيف، وقال الشافعي: سأل رجل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن أبيه: "أن سفينة نوح طافت بالبيت، وصلت خلف المقام ركعتين"؟ قال: نعم، وضعفه آخرون، أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وعلي بن المديني والنسائي1.

فالحديث إذن ضعيف، لا يعتمد عليه.

ومثل هذا يقال فيما روي عن أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأن راويه هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هذا.

يبقى من الأحاديث المرفوعة الحديث الذي نسب إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث فيه مقال أيضًا، ينزله عن درجة الصحيح إلى درجة الضعيف، ففي سنده كثير بن زيد، وروى ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل أن يحيى بن معين سئل عنه، فقال: "ليس بالقوي"، وقال النسائي فيه: "ضعيف"، وقال أبو زرعة: "صدوق فيه لين" كما روى له الذهبي في الميزان حديثًا فيه نكارة، وفيه علة فوق نكارته2، فلا يحتج به إذن، بالإضافة إلى أن المطلب الذي روى عنه كثير هذا الحديث لم يدرك زيد بن ثابت، فهو منقطع3.

وعلى هذا فلم يسلم من الضعف في هذه الأحاديث جميعها إلا حديث واحد تفرد به رواته، وقيل فيه: إنه موقوف على الصحابي -كما رأينا- وكما يقول صاحب الأنوار الكاشفة: "أما الأحاديث، فإنما هي حديث مختلف في صحته وآخر متفق على ضعفه"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015