أرسله"، "وهذا قتيل زيد الذي قتله"؛ لأنه كان يكفي أن تقول: "رسول فلان" ولا حاجة إلى إعادة اسم المرسل والقاتل1.
960- ولكن: هل المجوزون لرواية الحديث بالمعنى يرسلونها هكذا إرسالًا دون ضوابط أو قيود؟!
كيف ذلك وهم كغيرهم يحرصون على أن ينقل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دون تحريف أو تبديل؟
ولهذا فليس عجبًا أن نراهم يضعون من القيود والضوابط ما يحقق ذلك على الرغم من ترخيصهم في الرواية بالمعنى.
961- وقد لاحظنا بعضًا من ذلك في آخر كلام الشافعي السابق الذي يجوز فيه الرواية بالمعنى ويقيم الحجة له إذا قال: "ما لم يحل المعنى".
962- والحق أنه أول من عبر عن هذه القيود والضوابط -على ما نعلم- بصورة مفصلة، حيث رأى أنه لا بد لمن يؤدي الحديث أن يكون عاقلًا يفهم معنى الحديث "فإذا كان الذي يحمل الحديث يجهل هذا المعنى كان غير عاقل للحديث فلم نقبل حديثه، إذا كان يحمل ما لا يعقل إن كان ممن يؤدي الحديث بحروفه، وكان يلتمس تأديته على معانيه، وهو لا يعقل المعنى"3.
963- ويحكي الخطيب أن هذا ليس خاصًّا بالشافعي، وإنما هو شرط عند جمهور الفقهاء؛ وأنه "ليس بين أهل العلم خلاف في أن ذلك لا يجوز للجاهل بمعنى الكلام، وموقع الخطاب والمحتمل منه وغير المحتمل"3.
964- ويضيف الشافعي إلى هذا القيد قيدًا آخر وهو أن يكون الراوي عالمًا بما يغير المعاني من الألفاظ؛ أي يفهم الفروق بين الألفاظ ومعانيها، وكذلك الأساليب؛ لأنه إذا لم يكن كذلك ربما يغير المعنى بتغيير اللفظ أو الأسلوب، فيحل الحرام ويحرم الحلال، يقول الإمام الشافعي مبينًا