الحديث لا تكون على أساس: هل أخذ بخبر الواحد أو بالقياس وإنما على أساس آخر، وهو هل نترك خبر الواحد لعمل الصحابة أو بعضهم أو عمل العلماء أولًا؟ وأظننا نصل إلى جواب عندما نقرأ موقف الأحناف من عمل الصحابة أو فتواهم وموقف الشافعي المعارض له وهو ما سبق أن ذكرناه.

904- والذي أرجحه أن مالكًا رحمه الله لم يصله هذا الحديث بطريق صحيحة، فضم إليه قرينة عدم العلم من السلف وغيرهم فتركه.

905- وبعد، فلعلنا نستطيع أن نقول: إن مالكًا رحمه الله لا يترك الحديث الصحيح الثابت من أجل قياس من الأقيسة، وأن نوافق قول أحد العلماء الذي يقول: "وقد حكى عن مالك أن خبر الواحد إذا خالف القياس لا يقبل، وهذا القول باطل سمج، مستقبح عظيم، وأنا أجل منزلة مالك عن مثل هذا القول، ولا يدري ثبوته منه"1.*

الإمام الشافعي وعرض الخبر على القياس:

906- وإذا تركنا ما قيل عن الإمام مالك إلى الإمام الشافعي وجدنا أنه يعلن أن لا مكان للقياس مع خبر الواحد، وغير الواحد من باب أولى، فوجود الخبر والقياس بمنزلة وجود الماء والتراب، وكما لا يجوز التيمم مع وجود الماء لا يجوز القياس مع وجود الخبر، يقول مبينًا هذا: "ويحكم بالكتاب والسنة المجتمع عليها التي لا اختلاف فيها فنقول لهذا: حكمنا بالحق في الظاهر والباطن، ويحكم بالسنةقد رويت عن طريق الانفراد لا يجتمع الناس عليها، فنقول: حكمنا بالحق في الظاهر؛ لأنه يمكن الغلط فيمن روي الحديث، ونحكم بالإجماع ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015