أبي حنيفة أنه قدم القياس1 الذي اختلف الناس في كونه حجة على الأخبار الصحيحة التي اتفق العلماء على كونها حجة.

870- ثم أجاب عن ذلك بأن هذا زعم منهم؛ لأن أبا حنيفة أخذ بكتاب الله تعالى، ثم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بما اتفقت عليه الصحابة، ثم بما جاء عن واحد من الصحابة، وثبت ذلك واشتهر، ولم يظهر له فيه مخالف، وإن كان أمرًا اختلف فيه الصحابة والعلماء فإنه يقيس الشيء بالشيء حتى يتضح الأمر. ثم بالقياس إن لم يكن في الحادثة شيء مما ذكرناه2.

871- ثم ذكر من قول أبي حنيفة ما يدل على ذلك في كتابه إلى أبي جعفر المنصور. ثم ذكر بعض المسائل الشاهدة على أنه يقدم الخبر الصحيح على القياس ومنها "مسألة الرجل الذي يرد عبدًا آبقًا من مسيرة ثلاثة أيام".

فقد قال أبو حنيفة: له الجعل أربعون درهمًا، وكان القياس ألا يجب، فترك القياس، وأخذ في ذلك بالخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه في خبر طويل أن رجلًا قدم بآبق من الفيوم. فقال القوم: لقد أصاب أجرًا، فقال ابن مسعود: وأصاب جعلًا.

وفي مسألة تزوج الأمة على الحرة:

قال أبو حنيفة: لا يجوز، وكان القياس أنه يجوز. إلا أنه ترك القياس وأخذ في ذلك الخبر، وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تنكح الأمة على الحرة" 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015