فيحدث الشاهد الغائب"1، وفي رواية: "لم نكن نكذب"، ويقول أنس، رضي الله عنه، "ولكن كان يحدث بعضنا بعضًا ولا يتهم بعضنا بعضًا"2. وتقول عائشة رضي الله عنها: "ما كان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الكذب"3.
42- والحق أن هذا أمر ينبغي أن يعرف وجه الصواب فيه؛ لأن بعض المحدثين اتهم بعض الصحابة بالكذب ... وإذا كان المنبع الأول يكذب، ثم اعتقد موثقوا القرن الثاني وغيره أن ليس فيه كذب، وانشغلوا بوجوه أخرى للتوثيق، أو هكذا فعل معظمهم، فإنه لا فائدة من توثيقهم على هذا النحو؛ لأنهم أخذوا أحاديث الصحابة دون مناقشة لعدالتهم ولم يبحثوا فيمن يكذب منهم ومن لا يكذب، إذن فالسنة لم توثق على الرغم من الجهود التي بذلت، وهذا هو ما توصل إليه هؤلاء بهدف العصف بالسنة وإبعادها عن المسلمين، أو إبعاد المسلمين عنها4.
إذن فلنناقش هذه القضية، هل كان الصحابة، رضوان الله عليهم، يكذبون في أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم؟
43- لقد تعلق بعض هؤلاء المحدثين برد بعض الصحابة لأحاديث بعضهم الآخر، أو ببعض العبارات التي تتهم بعضهم "بعضًا" بالكذب ...
أما اختلافم في بعض الأحاديث، ورد بعضهم لأحاديث بعضهم الآخر، فلا يدلان على أنهم كانوا يكذبون في الحديث، ولا يتعدى