الشيوخ من الشام فكنت أول من بكر عليه، فسألته أن يملي علي شيئًا، فأخذ الكتاب يملي1 ... وإذا كان الشيخ يملي فالتلميذ يدون ما يميليه من الأحاديث.

480- وقد كانوا ينصون على الإملاء ليتميز الراوي عن أقرانه بالصحة والجودة في سماعه، سأل عبد الله بن أحمد بن حنبل أباه عن شعيب بن أبي حمزة: كيف سماعه من الزهري؟ أليس هو عرض: قال: لا، حديثه يشبه حديث الإملاء. هو أصح حديثًا عن الزهري من يونس ... نظرت في كتب شعيب، أخرجها إلي ابنه، فإذا بها من الحسن والصحة والشكل، ونحو هذا.

ويقول يحيى بن معين عنه: "ثقة في الزهري ... كتب عن الزهري إملاء، وكان كاتبًا2".

481- وكان بعض التلاميذ يأبى إلا أن يملي عليه الشيخ ليحوز بهذه الدرجة العليا من الإتقان؛ لما قدم ابن جريج البصرة قام معاذ بن معاذ، فشغب وقال: لا نكتب إلا إملاء، وسأل عبد الله بن أحمد بن حنبل معاذ، فكتب إملاء؟ فقال له أبوه: كتبوا إملاء3 ... ويقول عفان "219هـ": ما رضينا من أحد إلا بالإملاء إلا شريكًا، وكان عفان هذا يحض أصحاب الحديث على الضبط والتقييد إذا أخذوا عنه ... وكان يقول لحماد بن سلمة: لا نكتب إلا الإملاء4.

482- وإذا كانت الكتابة من أهم وسائل التوثيق ... وإذا كان السماع مع الإملاء هما الجديرين بنقل الحديث نقلًا موثقًا عند نقاد الحديث، فإن مما يزيدنا اطمئنانًا أن كثرة من الأحاديث نقلت على هذا الوجه؛ لأنهم كانوا لا يعتبرون المحدث جديرًا بهذا اللقب إلا إذا كانت أحاديثه كثيرة، يقول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015