وانتقلت كتب بعض التابعين إلى بعض، وإلى تابعيهم، ومنها ما قاله همام بن يحيى: قدمت أم سليمان اليشكري بكتاب سليمان، فقرئ على ثابت وقتادة وأبي بشر والحسن ومطرف، فردوها كلها، وأما ثابت فروى منها حديثًا وحدًا1.
463- ظلت هذه الظاهرة موجودة في عصر تابعي التابعين ومن بعدهم.
وعلى الرغم من ظهورها بكثرة فإن الأحاديث التي كانت تنقل عبرها لم يعتبرها نقاد الحديث صحيحة، وإنما رفضوها، وحكموا عليها بالضعف. اللهم إلا إذا اقترنت الوجادة بسماع أو قراءة على صاحب هذه الأحاديث.
464- ويروي الخطيب البغدادي ما يفهم منه أن كراهة التحدث بما في الكتاب وجادة نشأت منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم؛ يروى بسند عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه أنه قال: "إذا وجد أحدكم كتابًا فيه علم لم يسمعه من عالم فليدع بإناء وماء فلينقعه فيه حتى يختلط سواده مع بياضه2.
465- وفي القرن الثاني وجدنا وكيع بن الجراح ينهى أن ينظر المحدث في كتاب لم يسمعه من صاحبه، حتى لا يعلق قلبه منه شيء، فيحدث بما لم يسمعه3. وربما كان هذا السبب نفسه هو ما جعل محمد بن سيرين يرفض أن يمنع أحد الرواة عنده كتابًا ويقول: لا يبيت عندي كتاب4 وجعل عمر بن عبد العزيز، الذي أمر بجمع السنة مدونة، يأمر بإحراق كتاب لزيد ابن ثابت، رضي الله عنه في الديات5.
466- وقد حكم الإمام أحمد على حفص بن سليمان الأسدي بأنه متروك الحديث بعد ما علم أنه أخذ من شعبة كتابًا، فلم يرده، وأنه كان يأخذ كتب الناس فينسخها ويحدث بها من غير سماع6. ويقول عن عبد العزيز