يقول: حدثنا أبو هريرة، ويتأول أنه حدث أهل البصرة، وهو منهم، وهو لم يسمع منه شيئًا. ولم تستعمل "سمعت" في شيء من ذلك.
وممن كان يؤثر "حدثنا" على غيرها من العبارات الإمام أحمد بن حنبل وقد كان يحمل عبد الرزاق الصنعاني على ذلك1.
356- ثم يتلو "حدثنا" "أخبرنا". وهو كثير في الاستعمال، حتى إن جماعة لا يكادون يستعملون فيما سمعوه من لفظ الشيخ غيرها، منهم حماد بن مسلمة، وعبد الله بن المبارك، وهشيم بن بشير، وعبيد الله بن موسى، وعبد الرزاق بن همام، ويزيد بن هارون2، وإنما استعمل من استعملها ورعًا ونزاهة لأمانتهم فلم يجعلوها للينها بمنزلة "حدثنا ونبأنا" ولهذا قال أحمد بن حنبل: "أخبرنا" أسهل من "حدثنا"، حدثنا شديد3.
وإذا كان ابن الصلاح يقول: إن هذا كان قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بالقراءة على الشيخ -فإنه يبدو أنه كان بعد القرن الثاني الهجري.
ويبين ابن الصلاح أن هناك وجهًا من وجوه تفضيل "أخبرنا" و"حدثنا" على "سمعت" وهو أنه ليس في "سمعت" دلالة على أن الشيخ رواه الحديث، وخاطبه به. وفي "حدثنا" و"أخبرنا" دلالة على أنه خاطبه به ورواه له"4.
357- وأما نبأنا وأنبأنا فهما قليلتا الاستعمال، "وممن كان يستعملهما في السماع سماك بن حرب وحماد بن زيد5.
358- ويرى ابن الصلاح أن استعمال "قال لي" و"ذكر لي" إنما هو لائق بمن سمع في المذاكرة والمناظرة6، وهو بهذه أشبه من "حدثتا".