وهذه المصطلحات كلها للتعديل وإن تفاوتت.
314- أما ألفاظ التجريح فمما أثر منها في القرن الثاني الهجري قولهم: "من أكذب الناس" أطلقها أحمد بن حنبل على أحمد بن أخت عبد الرزاق الصنعاني1 و"كذاب" أطلقه يحيى بن معين في جبارة بن المغلس. و"متروك الحديث" و"ليس بشيء" لمن يترك حديثه عند أحمد بن حنبل2 وكذلك الأمر عند الإمام الشافعي الذي قال لتلميذه المزني: يا إبراهيم، اكس ألفاظك أحسنها، لا تقل فلان "كذاب"، ولكن قل "حديثه ليس بشيء"3.
وكان يحيى بن معين يستعمل هذا المصطلح "ليس بشيء" في الراوي الذي هو أقل درجة من الاتهام بالكذب، فقد قال عن راو: إنه "ثقة" وأنه أمي يذكر بخير، ولكنه في حديث الزهري "ليس بشيء"4. ويبدو أنه يطلقها على من يرى حديثًا قليلًا5 وعلى من يروي الأحاديث الضعيفة كالمقلوبة مثلًا، فقد قال في أحد الرواة: كان يقلب حديث ابن المبارك، والحديث الذي يأخذه من مشايخه، وينسب ذلك كله إلى نفسه6.
وأخف من هذا قولهم: "ضعيف"، يقول أحمد بن صالح المصري "170- 248هـ": "لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه ... قد يقال فلان ضعيف، أما أن يقال فلان "متروك" فلا، إلا أن يجمع الجمع على ترك حديثه7.