ويرى علي بن المديني أن ليس أحد أثبت في ابن سيرين من أيوب وابن عون إذا اختلفا وأيوب أثبت ... وهشام أثبت من خالد الحذاء في ابن سيرين وكلهم ثبت1 ... ويونس أثبت في الحسن من ابن عون ... ويزيد ابن هارون أثبت في الحسن وابن سيرين2 ...

... وهو يرى أيضًا أن يحيى القطان أوثق أصحاب الثوري3، وكان وهيب يقدم سفيان الثوري في الحفظ على مالك4.

311- والذي نلاحظه أنهم في تفضيلهم هذا على ذلك إنما يبتغون به وجه الله تعالى وتوثيق سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مما يزيدنا ثقة في نزاهة أحكامهم، واطمئنانًا إلى صفاء ذلك المنهل العذب الذي نستقي منه أدلة التشريع بعد كتاب الله عز وجل، فهذا شعبة بن الحجاج يفضل سفيان الثوري على نفسه، فيقول: إذا خالفني سفيان في حديث، فالحديث حديثه، ويفضل هشام الدستوائي على نفسه أيضًا في الحفظ عن قتادة5 ...

وهذا يحيى بن سعيد القطان لا يحب أحدًا مثل ما يحب شعبة ... لكن هذا الحب الكبير لا يمنعه أن يفضل غيره عليه؛ لأن الأمر أمر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي فوق هذا بكثير، يقول: ليس أحد أحب إلي من شعبة، ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان6.

312- وقد غرست هذه المقارنات في القرن الثاني الهجري بذور وضع الرواة على درجات، أهم ما يراعي فيها مقدار ضبط الراوي، وتثبته فيما يرويه، وأهم هذه البذور ما يروى عن عبد الرحمن بن مهدي؛ فقد رتب الرواة الذين يحتج بهم والذين لا يحتج بهم وبأحاديثهم. قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015