شاءوا. وربما كان هذا هو السبب في عدم كتابة سفيان الثوري عن مرجئ مباشرة، وإنما كتب عن رجل عنه، وعلل ذلك بأنه مرجئ1.
249- وجاءت روايات كثيرة في القرن الثاني يرفض فيها بعض الأئمة الذين يقولون بهذا الرأي رواة لأنهم على مذهب من هذه المذاهب، ومن أهل الأهواء والبدع كما يعبرون، فقد قيل لسفيان بن عيينة: لم أقللت الرواية عن سعيد بن أبي عروبة؟. قال: وكيف لا أقل الرواية عنه، وسمعته يقول: هو رأيي ورأي الحسن -يعني ابن دينار2- وكان الحسن ابن دينار يرى رأي القدرية، كما يقول ابن المبارك3. وكان يقول لأصحابه وتلاميذه: "ألا فاحذروا ابن أبي رواد المرجئ لا تجالسوه، واحذروا إبراهيم بن أبي يحيى القدري لا تجالسوه"4. وروى عن مالك بن أنس قوله: "لا يصلى خلف القدرية ولا يحمل عنهم الحديث"، وترك أبو بكر بن عياش "187هـ"، الرواية عن فطر بن خليفة لمذهبه، وكان فطر شيعيًّا، وقال أبو بكر: ما تركت الرواية عنه إلا لسوء مذهبه5. وقال الحميدي: كان بشر بن السري جهميًّا.
250- وكان هذا الرأي امتدادًا لما كان موجودًا قبل ذلك ويعبر عنه ابن سيرين حينما تكلم عن السبب في التمسك بالإسناد، يقول: "كان في زمن الأول، الناس لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد، ليحدث حديث أهل السنة ويترك حديث أهل البدعة" وفي رواية: "كانوا لا يسألون عن الإسناد حتى كان بآخرة، فكانوا يسألون عن الإسناد لينظروا من كان صاحب سنة كتبوا عنه، ومن لم يكن صاحب سنة لم يكتبوا عنه"6.