يشترك الناس في علمه ... وربما تشدد بعض الأئمة في توافر هذا الجانب من العدالة في الراوي، فاعتبروا الركض على البرذون، وسماع القراء بالتطريب1، مما يذهب العدالة، ويوجب ترك حديث الراوي، يقول أبو العالية: "كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إلى صلاته، فإن أحسن الصلاة أخذنا عنه، وإن أساء الصلاة لم نأخذ عنه2"، ويقول الحسن بن صالح: كنا إذا أردنا أن نكتب عن الرجل سألنا عنه، حتى يقال لنا: أتريدون أن تزوجوه3؟! واشتهر شعبة بن الحجاج "160هـ" بهذا المذهب، قيل له: لم تركت حديث فلان؟. قال: رأيته يكرض على برذون، فتركت حديثه، وقال: أتيت منزل المنهال بن عمرو، فسمعت صوت الطنبور، فرجعت. فقيل له: إنكارًا لهذا التشدد: فهلا سألت عنه إذ لا يعلم هو؟!.

وممن غالى في هذا الحكم ابن عتيبة، قال له شعبة: لِمَ ترو عن زاذان؟. قال: كان كثير الكلام4.

وربما تساهل بعضهم، مثل الإمام عبد الله بن المبارك الذي كان لا يترك حديث الرجل حتى يبلغه الشيء الذي لا يستطيع أن يدفعه5، وفي رواية عنه تبين لنا ما هو هذا الشيء الذي لا يستطيع أن يدفعه، وهو أن يتهم الرجل بالكذب أو يكثر منه الغلط، ويغلب عليه6.

2- ومتسوى آخر، وهو الأهم؛ لأنه يتصل برواية السنة مباشرة ولهذا لا يعرفه إلاعلماء الحديث والفقه وأئمتهم، وهو ملاحظة روايته، وهل هو يكذب فيها أو يصدق، وهل يوافق العدول الآخرين أو يخالفهم أو يتحرز في روايته أو لا، وغير ذلك مما لا يجوز الرجوع فيه إلى قول العامة، "بل التعويل فيه على مذاهب نقاد الحديث وملاحظاتهم ومعرفتهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015