السعدي عَلَى معاوية، ومع معاوية عَلَى سريره الأَحنف بْن قيس، والحباب المجاشعي، فقَالَ لَهُ معاوية: من أنت؟ قال: جارية بْن قدامة، قال: وكان قليلا، قال: وما عسيت أن تكون، هل أنت إلا نحلة؟ قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فقد شبهتني بها حامية اللسعة، حلوة البساق، والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب، وما أمية إلا تصغير أمة! قال معاوية: لا تفعل. قال: إنك فعلت. قال: ادن فاجلس معي عَلَى السرير.

قال: لا. قال: لم؟. قال: رأيت هذين قد أماطاني عَنْ مجلسك، فلم أكن لأشركهما، قال: ادن أسارك، فدنا. قال: إني اشتريت من هذين دينهما.

قال: ومني فاشتر يا أمير المؤمنين، قال: لا تجهر!.

قال: وأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن صالح القرشي، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ القرشي، عَنْ مسلمة - وهو ابن محارب، عَن الفضل بْن سويد، قال، وفد الأَحنف بْن قيس، وجارية بْن قدامة، والحباب بْن يزيد المجاشعي، عَلَى معاوية، فقَالَ لجارية: يا جارية أنت الساعي مع عَلِيّ بْن أَبي طالب، والموقد النار فِي شعلك، تجوس قرى عربية تسفك دماءهم؟ قال جارية: يا معاوية دع عنك عليا، فما أبغضنا عليا مذ أحببناه، ولا غششناه مذ نصحناه. قال: ويحك يا جارية، ما كان أهونك عَلَى أهلك، إذ سموك جارية! قال: أنت يا معاوية كنت أهون عَلَى أهلك إذ سموك معاوية. قال: لا أم لك. قال: أم ما ولدتني. إن قوائم السيوف التي لقيناك بها بصفين فِي أيدينا. قال: إنك لتهددني. قال: أنك لم تملكنا قسرة، ولم تفتحنا عنوة، ولكن أعطيتنا عهودا ومواثيق، فإن وفيت لنا، وفينا لك، وان نزعت إِلَى غير ذلك، فقد تركنا وراءنا رجالا مدادا، وأذرعا شدادا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015