وحملهم من عظائم الامور أمرا ليس هينا، وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم، وأوقعهم في دكادك من نار المرجو من الله أن يتجاوزها لهم ولاصحابهم" (?) . وهذه النصوص تشير إلى قدم هذه العلاقة التي ابتدأت منذ أيام الطلب، وأخذت تنمو على مرور الايام، فتزيد متانة وصلابة.
وهكذا تكون فكر الحافظ المزي، فهو شافعي المذهب، سلفي العقيدة، أخلص الاخلاص كله لرفيقه ابن تيمية وآرائه التجديدية، وجعله مثله الاعلى، ويظهر ذلك جليا من دراسة سيرتيهما، فقد أوذي المزي بسبب ذلك: أوذي مرة، واختفى مدة من أجل تحديثه بتاريخ بغداد للخطيب البغدادي (?) ، وأوذي ثانية في رجب من سنة (705) حينما تناظر ابن تيمية مع الاشاعرة عند نائب السلطنة الافرم، وقرئت عقيدة ابن تيمية الواسطية وحصل البحث في أماكن منها، ثم اضطر المناظرون له إلى قبولها بعد أن أفحمهم شيخ الاسلام، فقعد المزي عندئذ تحت قبة النسر بجامع دمشق، وقرأ فصلا بالرد على الجهمية من كتاب"أفعال العباد"للامام البخاري بعد قراءة ميعاد البخاري، فغضب بعض الفقهاء الشافعية الحاضرون، وَقَالوا: نحن المقصودون بذلك، وشكوه إلى القاضي الشافعي نجم الدين أحمد بن صصرى، وكان عدوا للشيخ ابن تيمية، فسجن المزي، فبلغ الشيخ تقي الدين ذلك