وَلم يلْحقهُ شَيْء حَتَّى رمى رجل من الناشبة فَأصَاب نَحوه فَوَقع اللعين من السُّور إِلَى خَارج وَكبر الْمُسلمُونَ وسر المعتصم بذلك سُرُورًا عَظِيما وَقَالَ اخبروني عَمَّن رمى هَذَا السهْم الْمُبَارك فأوتى بِالرجلِ فَأدْخل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَأَلتك بِاللَّه لتبعني ثَوَاب هَذَا السهْم بِمِائَة ألف دِرْهَم فَقَالَ الرجل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ الثَّوَاب مِمَّا يُبَاع قَالَ فَمَا زَالَ يرغبه حَتَّى بلغ مَعَه خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم فَقَالَ مَا أبيعه بالدنيا بأسرها وَمَا فِيهَا وَلَكِنِّي أشهد الله أَنِّي قد جعلت نصف ثَوَابه لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ قد رضيت بِهَذَا أحسن الله جزائك وَأمر للرجل بِمِائَة ألف دِرْهَم فقبضها من سَاعَته وَقيل لما وَقع الْحَرِيق فِي الْجَانِب الغربي بِبَغْدَاد وَجه المعتصم ابْنه هَارُون فَقَامَ بأمرها حَتَّى أطفيت وَأمر بكتب أَسمَاء من احْتَرَقَ لَهُ شَيْئا ومبلغ مَا ذهب لَهُم ثمَّ أعْطى كلا مِنْهُم على قدر حَالَة فَبلغ إعطاؤهم عشْرين ألف دِينَار وَخَمْسمِائة ألف ألف دِرْهَم
وَقَالَ ابْن أبي دَاوُود القَاضِي مَا رَأَيْت رجلا عرض على الْمَوْت فَلم يكترث بِهِ وَلَا عدل بِهِ عَمَّا أَرَادَ إِلَّا تَمِيم بن جميل الْخَارِجِي وَكَانَ قد خرج على المعتصم فرأيته وَقد جِيءَ بِهِ أَسِيرًا فَأدْخل عَلَيْهِ فِي يَوْم مركب وَقد جلس المعتصم للنَّاس مَجْلِسا عَاما بِالسَّيْفِ والنطع فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ نظر إِلَيْهِ المعتصم فأعجبه حسنه وقده ومشيته إِلَى الْمَوْت غير مكترث بِهِ فَأطَال الْفِكر فِيهِ ثمَّ استنطقه لينْظر أَيْن عقله وَلسَانه من