أتيت بِالْوضُوءِ إِذا بالإبريق لَهُ أنبوب طَوِيل نَحْو أَربع أَذْرع فَجعلت أتعجب مِنْهُ وأدير فِيهِ الْفِكر وَأحد النّظر فَقَالَ لي الْمَأْمُون عِنْد ذَلِك يَا أَبَا مُحَمَّد كَأَنَّك تعجب من طوله قلت نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ إِن هَذَا الْغُلَام قد اعْتَادَ أَن يوضئني وَله صُحْبَة قديمَة وَهُوَ يَأْكُل البصل كثيرا فنهيته عَنهُ غير مرّة فَلم ينْتَه فَأمرت بِعَمَل هَذَا لِئَلَّا أقطعه من شَهْوَته وأتباعد عَن رَائِحَته وَرُوِيَ أَن دعبلا هجاه فَقَالَ
(ويسومني الْمَأْمُون خطة عَارِف ... أَو مَا رأى بالْأَمْس رَأس مُحَمَّد)
(يُوفى على رُؤُوس الْخَلَائق مِثْلَمَا ... يُوفى الْجبَال على رُؤُوس القردد)
(إِنِّي من الْقَوْم الَّذين هم هم ... قتلوا أَخَاك وشرفوك بمقعد)
(شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأوهد)
فَبَلغهُ ذَلِك فَقَالَ قبحه الله مَا أبهته مَتى كنت خاملا وَمن حجر بالخلافة درجت وبدرها غذيت وظفر بِهِ بعد ذَلِك فَعَفَا عَنهُ