وَلست أنهاكم من الدُّنْيَا بأعظم مِمَّا نهتكم بِهِ الدُّنْيَا عَن نَفسهَا فَإِنَّهُ كل مَالهَا ينْهَى عَنْهَا وكل مَا فِيهَا يَدْعُو إِلَى غَيرهَا وَأعظم مِمَّا رَأَتْهُ عيونكم من عجائبها ذمّ كتاب الله عز وَجل لَهَا وَنهي الله جلّ ثَنَاؤُهُ عَنْهَا فَإِنَّهُ يَقُول تبَارك وَتَعَالَى {فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} وَقَالَ {إِنَّمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا لعب وَلَهو} الْآيَة فانتفعوا بمعرفتكم وبإخبار الله عز وَجل عَنْهَا وَاعْلَمُوا أَن قوما من عباد الله أدركتهم عصمَة الله فحذروا مصرعها وجانبوا خدائعها وآثروا طَاعَة الله تبَارك وَتَعَالَى فِيهَا فأدركوا الْجنَّة بِمَا تركُوا مِنْهَا
وَرُوِيَ عَن وَاقد بن جمد الْوَاقِدِيّ عَن أَبِيه أَنه رفع إِلَى الْمَأْمُون يذكر فِيهِ دينه وَقلة صبره عَلَيْهِ فَوَقع الْمَأْمُون على ظهر الرقعة إِنَّك رجل اجْتمع فِيك خصلتان سخاء وحياء أما السخاء فَهُوَ الَّذِي أطلق مَا فِي يدك وَأما الْحيَاء فَهُوَ الَّذِي يمنعك تبليغنا مَا أَنْت فِيهِ وَقد أمرت لَك بِمِائَة ألف دِرْهَم فَإِن كنت قد أصبت فازدد فِي بسط يدك وَإِن لم تصب فجنايتك على نَفسك وَأَنت حَدثنِي وَكنت على قَضَاء الرشيد