فهو الذي وفق بين اسم الكتاب ومسماه, وألف بين لفظه ومعناه, بيد أنه أطال وأطاب, ووجد مكان القول ذا سعة فقال وأصاب, ولكن قصرت الهمم عن تحصيله لطوله, فاقتصر بعض الناس على الكشف من "الكاشف" الذي اختصره منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي, ولما نظرت في هذه الكتب وجدت تراجم "الكاشف" إنما هي كالعنوان تتشوق النفوس إلى الاطلاع على ما وراءه, ثم رأيت للذهبي كتابا سماه "تذهيب التهذيب" أطال فيه العبارة, ولم يعد ما في التهذيب غالبا, وإن زاد ففي بعض الأحايين, وفيات بالظن والتخمين, أو مناقب لبعض المترجمين, مع إهمال كثير من التوثيق والتجريح, اللذيْن عليهما مدار التضعيف والتصحيح, هذا وفي "التهذيب" عدد من الأسماء لم يُعرِّف الشيخ بشيء من أحوالهم, بل لا يزيد على قوله روى عن فلان, روى عنه فلان أخرج له فلان, وهذا لا يروي الغلة ولا يشفي العلة, فاستخرت الله تعالى في اختصار "التهذيب" على طريقة أرجو الله أن تكون مستقيمة, وهو أنني اقتصر على مايفيد الجرح والتعديل خاصة, واحذف منه ما أطال به الكتاب من الأحاديث التي يخرجها من مروياته العالية من الموافقات والابدال وغير ذلك من أنواع العلو, فإن ذلك بالمعاجم والمشيخات أشبه منه بموضوع الكتاب, وإن كان لا يلحق المؤلف من ذلك عاب1 حاشا وكلا بل هو والله العديم النظير, المطلع النحرير, لكن العمر يسير, والزمان قصير, فحذفت هذا جملة وهو نحو ثلث الكتاب, ثم إن الشيخ رحمه الله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة, واستيعاب