الرتبة الأولى من السعادة الأخيرة

وإذ قد لخصنا أمر هاتين المنزلتين من السعادة القصوى فقد تبين بيانا كافيا أن إحداهما بالإضافة إلينا أولى والأخرى ثانية ومن المحال أن أنسلك إلى الثانية من غير أن نمر بالأولى فقد وجب أن نعود إلى ما بدأنا به من ذكر الرتبة الأولى من السعادة الأخيرة ونستوفي الكلام فيها وفي الأخلاق التي بنينا الكتاب عليها ونخلي عن بيان الرتبة الثانية إلى وقت آخر فنقول: أن من عنى ببعض القوى التي ذكرناها دون بعض أو تعمد لإصلاحها في وقت دون وقت لم تحصل له السعادة. وكذلك يكون حال الرجل في تدبير منزله إذا عنى ببعض أجزائه دون بعض أو في وقت دون وقت فإنه لا يكون مدبر منزل. وكذلك حال مدبر المدينة إذا خص بنظره طائفة دون طائفة أووقتا دون وقت لا يستحق إسم الرياسة على الإطلاق. (وارسطوطاليس: تمثل بأن قال أن الخطاف الواحد إذا ظهر لا يدل على طبيعة الربيع. ولا يوم واحد معتدل الهواء يبشر بالربيع. فعلى طالب السعادة أن يطلب السيرة اللذيذة عنده فيسر بها دائما فإن تلك السيرة هي واحدة ولذيذة في نفسها. فلذلك قلنا أنه ينبغي أن يتشوقها دائما ويثبت عليها أبدا، ولما كانت السيرة ثلاثة لأنها تنقسم بإنقسام الغايات الثلاثة التي يقصدها الناس. أعني سيرة اللذة وسيرة الكرامة. وسيرة الحكمة وكنت سيرة الحكمة أشرفها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015