وليس يمكن الإنسان أن يشتاق إلى ما لا يعرفه ألبتة. فإذا لحظها من فيه قبول لها وعناية بها عرفها بعض المعرفة فتشوقها وسعى نحوها واحتمل التعب والنصب فيها. وينبغي أن يعلم أن كل إنسان معد نحو فضيلة ما فهو إليها أقرب وبالوصول إليها أحرى. ولذلك لا تصير سعادة الواحد من الناس غير سعادة الآخر غلا من اتفق له نفس صافية وطيعية فائقة فينتهي إلى غايات الأمور وعلى غاياتها أعني السعادة القصوى التي لا سعادة بعدها.

الواجب على الحاكم

ولأجل ذلك يجب على مدير المدن أن يسوق كل إنسان نحو سعادته التي تخصه ثم يقسم عنايته بالناس ونظره لهم بقسمين: أحدهما في تسديد الناس وتقويمهم بالعلوم الفكرية. والأخر في تسديدهم نحو الصناعات والأعمال الحسية. وإذا سددهم نحو السعادة الفكرية بدأبهم من الغاية الأخيرة على طريق التحليل ووقف يهم عند القوي التي ذكرناها. وإذا سددهم نحو السعادة العملية بدأبهم من عند هذه القوي وانتهى بهم إلى تلك الغاية. ولما كان غرضنا في هذا الكتاب السعادة الخلقي وأن تصدر عنا الأفعال كلها جميلة كما رسمنا في صدر الكتاب وعملناه لمحبي الفلسفة خاصة لا للعوام وكان النظر يتقدم العمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015