الأخر أو كسبيل أشخاص النبات في مصيرها إلى الفناء والإستحالة التي تلحقها والنقصانات التي لا سبيل إلى تمامها. ولإستحال فيه البقاء الأبدي والنعيم السرمدي والمصير إلى ربه ودخول جنته. ومن لا يتصور هذه الحالة ولا ينتهي إلى علمها من المتوسطين في العلم يقع له شكوك. فيظن أن الإنسان إذا انتقض تركيبه الجسماني بطل وتلاشى كالحال في الحيوانات الأخر وفي النبات فحينئذ يستحق إسم الإلحاد ويخرج عن سمة الحكمة وسنة الشريعة.
وقد ظن قوم أن كمال الإنسان وغايته هما في اللذات وإنها هي الخير المطلوب والسعادة القصوى. وظنوا أن جميع قواه اخر " إنما ركبت فيه من أجل هذه اللذات والتوصل إليها. وأن النفس الشريفة التي سميناها ناطقة إنما وهبت له ليرتب بها الأفعال ويميزها ثم يوجهها نحو هذه اللذات لتكون الغاية الأخيرة هي حصولها له على النهاية والغاية الجسمانية. وظنوا أيضا أن قوى النفس الناطقة أعني الذكر والحفظ والروية كلها تراد لتلك الغاية. قالوا وذلك أن الإنسان إذا تذكر اللذات التي كانت حصلت له بالمطاعم والمشارب والمناكح اشتاق إليها وأحب معاودتها فقد صارت منفعة الذكر والحفظ إنما هي اللذات وتحصيلها.