والحسد أقبح الأمراض وأشنع الشرور. لذلك قالت الحكماء من أحب أن ينال الشر أعدائه فهو محب للشر ومحب الشر شرير. وشر من هذا من أحب الشر لمن ليس له بعدو. وأسوأ من هذا حالا من أحب أن لا ينال أصدقاءه خير.

ومن أحب أن يحرم صديقه الخير فقد أحب له الشر ويجب له من هذه الرداآت الحزن على ما يتناوله الناس من الخيرات من قنياتنا وما ملكناه أو مما لم نقتنه ولم نملكه لأن الجميع مشترك للناس وهي ودائع الله عند خلقه. وله أن يرتجع العارية متى شاء على يد من شاء. ولا سيئة علينا ولا عار إذا رددنا الودائع وإنما العار والسيئة أن نحزن إذا ارتجعت منا. وهو مع ذلك كفر للنعمة لأن أقل ما يجب من الشكر للمنعم أن نرد عليه عاريته عن طيب نفس وتسرع إلى إجابته إذا إستردها ولا سيما إذا ترك المعير علينا أفضل ما أعارنا وأرتجع أخسه.

قال وأعني بالأفضل ما لا تصل إليه يد ولا يشركنا فيه أحد أعني النفس والعقل والفضائل الموهوبة لنا هبه لا تسترد ولا ترتجع ويقول إن كان ارتجع الأقل الأخس كما اقتضاه العدل فقد أبقى الأكثر الأفضل وأنه لو كان واجبا إن نحزن في الأشياء الضارة المؤلمة وأن يقل القنية ما استطاع إذ كان فقدها سببا للأحزان.

وقد حكى عن سقراط أنه سئل عن سبب نشاطه وقلة حزنه فقال: لأنني لا أقتني ما إذا فقدته حزنت عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015