قد سبق القول في حاجة بعض الناس إلى بعض وتبين أن كل واحد منهم يجد تمامه عند صاحبه وأن الضرورة داعية إلى استعانة بعضهم ببعض لأن الناس مطبوعون على النقصانات ومضطرون إلى تماماتها ولا سبيل فالحاجة صادقة والضرورة داعية إلى حال تجمع وتؤلف بين أشتات الأشخاص ليصيروا بالاتفاق والإئتلاف كالشخص الواحد الذي تجتمع أعضاؤه كلها على الفعل الواحد النافع له.

المحبة وللمحبة أنواع وأسبابها تكون بعدد أنواعها. فأحد أنواعها ما ينعقد سريعا وينحل سريعا. والثاني ما ينعقد سريعا وينحل بطيئا. والثالث ما ينعقد بطيئا وينحل سريعا. والرابع ما ينعقد بطيئا وينحل بطيئا. وإنما انقسمت إلى هذه الأنواع فقد لأن مقاصد الناس في مطالبهم وسيرهم ثلاثة ويتركب بينها رابع وهي اللذة والخير والمنافع والمتركب منها.

وإذا كانت هذه غايات الناس في مقاصدهم فلا محالة أنها أسباب المحبة من عاون عليها وصار سببا للوصول إليها فقد أفلح:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015