وأفلاطون يقول إنالعدالة إذا حصلت للإنسان أشرق بهاكل واحد واحد من أجزاء النفس وذلك لحصول فضائلها أجمع فيها فيحنئذ تنهض النفس فتؤدي فعلها الخاص بها على أفضل ما يكون وهو غاية قرب الإنسان السعيد من الإله تقدس إسمه.

قال والعدالة توسط ليس على جهة التوسط الذي في الفضائل التي تقدم ذكرها. لكن لأنها في الوسط والجور في الطرفين. وإنما صار الجور في الطرفين لأنه زيادة ونقصان. وذلك أن من شأن الجور طلب الزيادة والنقصان معا.

أما الزيادة فمن النافع على الإطلاق. وأما النقصان فمن لاضار فلذلك يكون الجائر مستعملا للزيادة والنقصان إما لنفسه فيستعمل الزيادة في النافع. وأما لغيره فيستعمل النقصان منه، وأما في الضار فبالضد وعلى العكس. وذلك أنه إما لنفسه فيستعمل النقصان وإما لغيره فيستعمل الزيادة والفضائل التي قلنا أنها أوساط بين الرذائل وهي غايات ونهايات. وذلك أن الوسط ههنا نهاية لها من كل جهة فهو في غاية البعد منها ولذلك متى بعد عن الوسط زيادة بعد قرب من رذيلة كما قلناه فيما تقدم. فقد تبين من جميع ما قدمنا أن الفضائل كلها إعتدالات وأن العدالة إسم يشملها ويعمها كلها وأن الشريعة لما كانت تقدر الأفعال الإرادية التي تقع بالروية الإلهي صار المتمسك بها في معاملاته عدلا والمخالف جائرا. فلهذا قلنا ان العدالة لقب للمتمسك بالشريعة، إلا أنا قد قلنا مع ذلك انها هيئة نفسانية تصدر عنها هذه الفضيلة.

فتصور الهيئة النفسانية فإنك سترى رؤية واضحة أن صاحبها ينقاد ولا محالة للشريعة طوعا ولا يضادها بنوع من أنواع التضاد وذلك أنه إذا حافظ على المناسبات التي ذكرناها لأنها مساواة وآثرها بعد إجالة الرأي فيها على سبيل الإختيار لها والرغبة فيها وجب عليه موافقة الشريعة وترك مخالفتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015