فإذا أخذ الإسكاف من النجار عمله وأعطاه عمله فهي المعاوضة إذا كان العملان متساويين ولكن ليس يمنع مانع أن يكون عمل الواحد خيرا من عمل الآخر فيكون الدينار هو المقوم والمسوي بينهما.

فالدينار هو عدل ومتوسط إلا انه ساكت والإنسان الناطق هو الذي يستعمله ويقوم به جمي الأمور التي تكون بالمعاملات حتى تجري على إستقامة ونظام ومناسبة صحيحة عادلة. ولذلك يستعان بالحاكم الذي هو عدل ناطق إذا لم يستقم الأمر بين الخصمين بالدينار الذي هو عدل ساكت وأرسطوطاليس يقول: {إن الدينار ناموس عادل " ومعنى الناموس في لغته السياسية والتدبير وما أشبه ذلك. فهو يقول في كتابه المعروف بنيقوماخيا " إن الناموس الأكبر هو من عند الله تبارك وتعالى والحاكم ناموس ثاني من قبله والدينار ناموس ثالث. فناموس الله تعالى قدوة النواميس كلها " يعني الشريعة والحاكم الثاني مقتد به والدينار مقتد ثالث وإنما قومت الأشياء المختلفة بالأثمان المختلفة لتصح المشاركات والمعاملات ويتبين وجه الأخذ والإعطاء. فالدينار هو الذي يسوي بين المختلفات ويزيد في شيء وينقص في آخر حتى يحصل بينهما الإعتدال فتستوي المعاملة بين الفلاح والنجار مثلا. وهذا هو العدل المدني وبالعدل المدني عمرت المدن وبالجور المدني خربت المدن. وليس يمنع مانع من أن يكون عمل يسير يساوي عملا كثيرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015