إن العدالة موجودة في ثلاثة مواضع: أحدها قسمة الأموال والكرامات والثاني قسمة المعاملات الإرادية كالبيع والشراء والمعاوضات. والثالث قسمة الأشياء التي وقع فيها ظلم وتعد. فأما العدالة في الأمور التي تكون في القسم الأول فتكون بالنسبة المنفصلة التي بين الأربعة أعني أن تكون نسبة الأول إلى الثاني كنسبة الثالث إلى الرابع. مثال ذلك أن يقال نسبة هذا الإنسان إلى هذه الكرامة أو إلى هذا المال كنسبة كل من كان في مثل مرتبته إلى مثل قسطه فإذا يجب أن يوفر علهي ويسلم، وأما في الأمور التي تكون في القسم الثاني أعني المعاملات والمعاوضات فيكون بالنسبة المنفصلة مرة وبالنسبة المتصلة له أخرى. مثاله أن تقول نسبة هذا البزاز إلىهذا الإسكاف كنسبة هذا الثوب إلى هذا لخف ثم ليس يمنع مانع أن تقول نسبة البزار إلى الإسكاف كنسبة الإسكاف إلى النجار أو تقول: نسبة الثوب إلى الخف كنسبة الخف إلى الكرسي. ويتبين لك من هذين المثالين أن النسبة الأولى تكون بالعمق فقط والنسبة الثانية تكون بالعرض والعمق جميعا أعني أن الأولى تقع بين الكليين والجزئيين وهو بالعمق أشبه. والثانية تقع بالعرض في الجزئيين وقد تقع بين الكلين والجزئيين أيضا.