ومن البين أنه قد يمكن أن يوجد بين الآباء والأولاد تباين وإختلاف بكل جهة. ولكن من المنكر أن يكون الميت بتغير غيره يصير مرة سعيدا ومرةأخرى شقيا. ومن المنكر أن لا تكون أمور الأولاد متصلة بالوالدين في وقت من الأوقات. ولكن ينبغي أن نعود إلى ما كان الشك واقعا فيه. فهذا الشك الذي أورده أرسطوطاليس على نفسه في هذا الموضع هو شك من يعتقد أن للإنسان بعد موته أحوالا وأنه يتصل به لا محالة من أمور أولاده وأولاد اولاده أحوال مختلفة بحسب أخلاق سير الأولاد. فكيف تقول ليت شعري في الإنسان إذا مات سعيدا ثم لحقه من شقا بعض أولاده أو سوء سيرة من يحيا من نسله ما يكون ضد سيرته وهو حي فإنه أن غير سعادته كان هذا شنيعا وإن لم يلحقه أيضا شيء.

من ذلك كان أيضا شنيعا. ثم أرسطوطاليس يحل هذا الشك بأن يقول ما هذا معناه: أن سيرة الإنسان ينبغي أن تكون سيرة محمودة لأنه يختار في كل ما يعرض له أفضل الأعمال من الصبر مرة ومن إختيار الفضل فالأفضل مرة. ومن التصرف في الأموال إذا اتسع فيها وحسن التجمل إذا عدمها ليكون سعيدا في جميع أحواله غير منتقل عن السعادة بوجه من الوجوه.

فالسعيد إذا ورد عليه نحس عظيم جعل سيرته أكثر سعادة لأنه يداريه مدارة جميلة ويصبر على الشدائد صبرا حسنا. ومتى لم يفعل ذلك كدر سعادته ونغضها وجلب له أحزانا وغموما تعوقه عن أفعال كثيرة. والجميل إذا ظهر من السعداء في هذه الأحوال والأفعال كان أشد إشراقا وحسنا وذلك إذا احتمل ما كبر وعظم من المصائب احتمالا سهلا بعد أن لا يكون ذلك لا لعدم حسه ولا لنقصان فهمه بالأمور بل لشهامته وكبر نفسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015