وقال صالح: قال أبي: يستحب أن يذهب إلى الجمعة راجلا. ومن ذلك ما قاله في النكاح أحب أن يعرف ويضرب عليه بالدف. وإن كان هذا استحبابا، فكان كل جوابه كذلك.
ومن السنة أن يقول هذا أن يسميه الاستحباب في الكتاب التفضيل ألا ترى إلى قوله تعالى: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} وهذا علم للاستحباب لا غير ذلك. وبنوا ذلك أيضا على أن الأمر كالألفاظ إذا حد في اللسان ألا ترى أنه يفرق بين أمر ما كان من الواجبات، وما كان من النوافل بلفظ الاستحباب. وإذا ثبت هذا كان جواب أبي عبد الله رضي الله عنه في قوله أحب إلي أنه الفصل لا غير ذلك، وهذا كله فلا وجه. والدليل على صحة قولنا إنا وجدنا الواجبات لا يضر التعبير عنها بالمحبة أنا وقد ورد السمع بذلك ألا ترى إلى قوله تعالى: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله. إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}. وهذا الاسم لما قد ثبت أنه في أصله حتم. ومن ذلك قوله تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه .. الآية}. وذلك أنهم يحبون فرائضه في موجبات وفائها، وقد ثبت أيضا من الأسماء بما شابه الاستحباب لفظ الإيجاب ألا ترى إلى قوله جل وعز {حقا على المحسنين}. و {حقا على المتقين}. وكل ذلك اسم للواجبات، وقد جاءت السنة بنظير ذلك، وهذا الحديث في قصة أسامة.
أخبرنا أبو زيد قال ثنا محمد قال ثنا محمد بن إسماعيل قال ثنا قتيبة بن