بقوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرءانه}. وقد ثبت أن الله جل وعز أبان له أنه ينسخ ما يشاء، ويثبت ما يشاء، ويأمر بما يشاء، ويسقط في أوامره ما يشاء. فإذا استقرت القصة في أصل الشريعة بنص الكتاب أنه قد علم صلى الله عليه وسلم في وقت بآية، ثم يأتي وقت آخر ينزل عليه آية أخرى فيحكم بضد ما مضى وذلك في الطرفين جميعا هدى وشفاء للناس وجب أن تكون الأصول في جوابات العلماء على ذلك، فإن من علم دليله في وقت فتواه بأصل من الشريعة لا شيء يعارضه إن قضيته ثانية في الحال، فإذا كان في وقت ثان إنكشفت له دلالة ثانية غير تلك الدلالة للأدلة كان عليه المبادرة إليها بمثابة ما ذكرنا في قصة صاحب الشريعة بما يأتيه من الوحي من التنزيل. ومن السنة أيضا أنه صلى الله عليه وسلم يوقع قضاء في وقت على حد بدليل قد أمر به، ثم يأتي عنه القضاء فيها في وقت ثان بضد ما سبق من القضاء بد، إذ يكون القضاء في الوقتين صدقا وحقا، فإذا ثبت هذا كان ذلك بمثابة جوابات الفقهاء سواء، ثم الذي يدل على صحة ذلك أن القضايا عن الصحابة هكذا وردت بالاختلاف في الأزمنة وقعت ألا ترى إلى قصة الأنصار حكما ومذهبا: الماء من الماء. وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، ورفاعة بن رافع ونظراؤهم.