الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، فَإِنَّهُ يُلْقَى فِيهَا مَا يُنْجِي النَّاسُ وَالْمَحَايِضُ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: وَإِنَّهُ يُلْقَى فِيهَا مَا يُنْجِي النَّاسُ، يَعْنِي مَا يُحْدِثُونَ مِنَ الْقَذَرِ، وَهُوَ النَّجْوُ، يُقَالُ مِنْهُ: أَنْجَى فُلَانٌ، إِذَا خَرِيَ، فَهُوَ يُنْجِي إِنْجَاءً، وَهُوَ نَجْوُ فُلَانٍ، وَيُقَالُ: ضَرَبَ فُلَانٌ فُلَانًا حَتَّى أَنْجَى، وَلِلْنَجْوِ أَيْضًا مَعْنًى آخِرُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَجَا فُلَانٌ أَغْصَانَ الشَّجَرِ فَهُوَ يَنْجُوهَا نَجْوًا، إِذَا قَطَعَهَا، وَالنَّجْوُ أَيْضًا السَّحَابُ الَّذِي قَدْ هَرَاقَ مَاءَهُ، فَإِنْ أُدْخِلَتْ فِيهِ هَاءَ التَّأْنِيثُ، كَانَتْ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ بِنَجْوَةٍ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِذَا كَانَ بِارْتِفَاعٍ مِنْهُ حَيْثُ لَا يُصِيبُهُ مِنْهُ أَذًى وَلَا مَكْرُوهٍ، كَمَا قَالَ: أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ فِي صِفَةِ غَيْثٍ:
[البحر البسيط]
فَمَنْ بِعَقْوَتِهِ كَمَنْ بِنَجْوَتِهِ ... وَالْمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِقِرْوَاحِ